0 نجمة - 0 صوت
حشماوي محمد
تصنيف الكتاب: كتب الإقتصاد
عدد الصفحات: 298
حجم الكتاب: 2.3 MB
مرات التحميل: 1742
يعتبر ميدان العلاقات الاقتصادية الدولية من الميادين الأكثر إثارة للدراسة والتحليل الاقتصادي في الألفية الثالثة نتيجة التطورات و التغيرات المستمرة والمتلاحقة التي يعرفها النظام الاقتصادي العالمي من عشرية لأخرى.
لتقوم التجارة الدولية بدورها التاريخي كمحرك للنمو و التنمية لا بد من توافر بيئة اقتصادية عالمية مناسبة، و نظام تجاري عالمي مساند لعملية التنمية وتحسين شروط التبادل الدولي. و المتتبع لتطورات الاقتصاد الدولي يلاحظ أن هذه الشروط قد توافرت بدرجة معينة في الفترة الممتدة ما بين نهاية الحرب العالمية الثانية و بداية السبعينات بفضل الدور الهام الذي لعبته المنظمات الدولية النقدية و التجارية و المالية المنبثقة عن مؤتمر بروتن وودز B.Woods لسنة 1994م، من جهة. و عزم الولايات المتحدة الأمريكية (مخطط مارشال) على إعادة بناء أوروبا الرأسمالية من جهة ثانية.
فالازدهار الاقتصادي الذي ميز هذه المرحلة كان له تأثيرات إيجابية على التجارة الدولية عموما و تجارة المواد الأولية للدول النامية نتيجة ارتفاع الطلب الدولي عليها. الأمر الذي خلق نوعا من الطموح للدول النامية في تحسين موقعها في التقسيم الدولي للعمل و ذلك بالمطالبة بتغيير هيكل النظام التجاري التقليدي المبني على تبادل المواد الأولية مقابل المنتجات الصناعية.
ففي الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد أن البيئة الاقتصادية الدولية أصبحت مواتية للدول النامية و الدول المتقدمة على السواء لطي عهد الأزمات و الفوضى التجارية، و بناء نظام تجاري تتكافأ فيه شروط التبادل الدولي، ظهرت تطورات وتغيرات جديدة على النظام الاقتصادي الدولي تعلن مرحلة جديدة لهذا النظام ابتداء من أزمة الدولار سنة 1971.و ما رافقها من انهيار في نظام النقد الدولي واضطرابات في النظام التجاري كانت تتجه عكس ذلك. فهذه الأزمة للنظام الاقتصادي الدولي من ناحية، و تزايد و إدراك ووعي الدول النامية بتعديل نظام العلاقات الدولية من ناحية ثانية، كان وراء المطالبة بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد.
وهكذا جاءت هذه المطالبة أولا من مجموعة دول عدم الانحياز سنة 1973 بالجزائر، و التي دعت في نتائج مؤتمرها بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد يسوده التعاون محل الهيمنة بين الدول النامية و الدول المتقدمة. و لقد ساندت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا المطلب بقرارها رقم 3201 الصادر سنة 1974 بشأن الإعلان عن قيام نظام اقتصادي دولي جديد أكثر عدالة و مساواة بين أطرافه.
ولعل من الملاحظ أنه إذا كان عقد السبعينات شهد بداية قوية نحو تكوين نظام اقتصادي جديد، فأزمة التضخم ألركودي التي أصابت النظام الاقتصادي الرأسمالي خلال النصف الثاني من السبعينات واستمرت إلى النصف الثاني من الثمانينات وما نتج عنها من احتكارات دولية جديدة في الإنتاج والتسويق ،أدت إلى إدخال قواعد جديدة على النظام التجاري الدولي حولت طموح الدول النامية في التنمية إلى وهم.
وهذه التغيرات والتطورات التي عرفتها هذه المرحلة تميزت بالشمولية في الإنتاج والحمائية والإقليمية التجارية وطرحت الخطر الجاثم داخل النظام التجاري السائد، وتسببت في المشاكل التي أصبحت تلاحق التجارة الدولية بسبب انتهاك قواعد الجات وارتفاع القيود الحمائية من الدول الصناعية.
هذه المشاكل كانت وراء النقص الكبير في إيرادات الدول النامية من التجارة الدولية وارتفاع مديونيتها الخارجية إلى درجة زعزعة أركان النظام الاقتصادي الدولي عموما والنظام التجاري على الخصوص.
و لعل التأمل في التغيرات و التحولات التي تبلورت مند بداية التسعينات عن وجه الخصوص تشير كلها إلى أن هناك مجموعة من العوامل و القوى الدافعة تعمل على تشكيل و تكوين نظام اقتصادي عالمي جديد يختلف في خصائصه و سماته و في ترتيباته للأوضاع الاقتصادية عن تلك التي كانت سائدة من قبل.
بماذا تقيّمه؟