مجلة انا حاسوب العدد السادس

استراتيجية الحوسبة: نقصد بالحوسبة هنا إدخال التقنيات الحديثة الإلكترونية منها والبرمجية في مختلف مجالات الحياة وقد دخلت فعلا في دول العالم الأول والثاني في كل شئ من مصارف وبورصة وإدارة وسياسة وانتخابات وتسوق ومعاملات رسمية ودعاية وتواصل وحكومة إلكترونية وكل مجالات اتصال الإنسان بالإنسان وبالطبيعة من حوله ولكن هل نستطيع أن نقلدهم في كل ذلك بشكل عشوائي كالذي يحصل الآن؟ أم أن الأمر بحاجة إلي استراتيجية وتخطيط وتنظيم للأولويات في ما نحتاجه حقاً وبشكل مستعجل وما لا نستطيع تطبيقه بشكل صحيح حتي توفير مقومات مبدئية وتمهيدية أخري؟

قبل الحديث عما يجب أن يكون لابد من معرفة ما هو كائن فعلاً حالياً وفي أغلب دول العالم الثالث أو ما تسمي مجاملة نامية وهي أبعد ما يكون عن النماء!

نحن الآن مجرد مستهلكين لكا ما يصدر لنا ومصدرين ومستنفذين لكل موارد الأرض الطبيعية التي تزخر بها أراضينا. أين نحن الآن من سلم التطور والتقنيات الحديثة؟ في الدرك الأسفل من الترتيب مجرد مستهلكين لكل ما يرد إلينا رغم وجود آلاف من المختصين لدينا في كل المجالات إلا أن المختصين لدينا بين متقاعسين عن أداء واجباتهم أو عاجزين عن اللحاق بركب الحضارة والتطور حولنا أو يعانون من التهميش وقلة الدعم والإسناد.

بعد استعراض الواقع الحالي لابد من التفكير في الوضع الذي نريد الوصول إليه حاسوبياً ولا يخفى ان هذا الأمر صعب مستصعب لأن ما يمكن قوله الآن اننا نريد ان نصبح مثل بريطانيا في الحوسبة لكل مجالات الحياة وحين نستقر على هذا الرأي (فرضا) ونبدأ العمل بشكل جدى لذلك نجد اننا بعد خمس او عشر سنوات قد استوردنا الأجهزة والبرمجيات ودربنا من يعمل عليها وحين نريد العمل او نباشر التشغيل نجد أن برمجياتنا قد قدمت وأجهزتنا قد انتهت صلاحيتها او الدعم التقني لها من شركاتها الأم وهذا الأمر واقع تعيشه أغلب المؤسسات الحكومية فى العالم العربى والاسلامى إلا ما ندر. حيث نستورد كل شئ وهم مستمرون بالتصنيع ولإدامة الصناعة يجب إدامة الإستهلاك وتستمر دورة تصنيعهم واستهلاكنا وتطوير هم واضطرارنا إلي الشراء من جديد للمنتج الجديد وهكذا نبقي متخلفين عنهم بخطوات ويبقون متفوقين علينا بسنين وقرون ومتفضلين علينا بتصنيع ما نحتاجه وأخذ مواردنا الأولية والطبيعية وإعادة تصنيعها وبيعها علينا بأضعاف تكلفتها وهلم جرا!

لذا نحن لا نريد أن نصل إلي استخدام منتجاتهم فقط والإستمرار بالشراء منهم لما يطورونه بل نريد أن نصل ( ويجب أن نصل ولو بعد حين) إلي صناعة عربية إسلامية بأيادي مهندسينا ومبرمجينا والفنيون لدينا لما نحتاجه حقاً مع قابلية تطويره وتعديله حسب الحاجة المستقبلية والتخلص من التبعية التكنولوجية للغرب والشرق ولا بأس من الإستفادة من تجارب الغير وتطبيق تقنياتهم ولكن بشرط أن لا نكتفي بالإستهلاك والسعي والعمل للوصول إلي الإكتفاء الذاتي ومنافسة الكبار وبعدها نفكر بالتعاون معهم والتبادل المعرفي والثقافي والعلمي والصناعي والتكنولوجي.