كتاب هجرة الكفاءات العلمية العربية مع إشارة خاصة للجمهورية العربية السورية

0 نجمة - 0 صوت

هجرة الكفاءات العلمية العربية مع إشارة خاصة للجمهورية العربية السورية

د/ عصام خوري

تصنيف الكتاب: كتب الإقتصاد

عدد الصفحات: 8

حجم الكتاب: 0.5 MB

مرات التحميل: 8


وصف الكتاب :-

برغم أن ظاهرة الأدمغة أو هجرة العقول أو هجرة العلماء وما يطلق عليها بـ نزيف العقول (Brain Drain ) ليست بالظاهرة الحديثة ، إلا أنها ما زالت تستأثر بالاهتمام الكبير للدول النامية والاهتمام الأكبر من قبل الدول المستضيفة وهي الدول الصناعية المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك لما لهذه الظاهرة من آثار و منعكسات خطيرة بالنسبة لمستقبل البلدان الأقل نمواً في الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ، ولما تجلبه من مكاسب لا يمكن تقديرها بثمن بالنسبة للدول المتقدمة 0 بل وأكثر من ذلك ، فإنه ورغم شعور الدول النامية بمحاذير و أخطار استمرار هذه الظاهرة بل وميلها للتعاظم و التفاقم ، فإن الجهود التي تبذلها للاحتفاظ بعلمائها و مفكريها و الاستفادة من قدراتهم الخلاقة ما زالت ضحلة ومتواضعة للغاية ، وفي كثير من الأحيان تمارس على هذه الفئة مواقف و تصرفات تشكل عوامل نبذ تدفعهم لمغادرة أوطانهم و البحث عن أوطان أخرى يسهمون في تطويرها و تقدمها ولاسيما أن هذه الدول توفر لهم كل الدعم المالي و المادي و المعنوي. في تعريف الظاهرة و توضيح طبيعتها في الوطن العربي تعريف اليونيسكو ظاهرة هجرة الكفاءات الدولية بأنها نوع شاذ من أنواع التبادل العلمي بين الدول يتميز بالتدفق في اتجاه الدول الأكثر تقدماً من الدول الأقل تقدماً ، وهو ما أطلق عليه بعضهم النقل العكسي للتكنولوجيا ، بعدّ أن الظاهرة تمثل نقلاً حقيقياً لتلك الفئة المتميزة التي هي أحد أهم عناصر الإنتاج وهو العنصر البشري بكل ما تحمله من معارف ومهارات ، والتي يتم توظيفها في معامل ومراكز أبحاث الدول المتقدمة بما يساعد في تطوير التكنلولوجيات القائمة في تلك الدول و ابتكار ما هو أحدث منها وكما تقوم هذه الدول بحجب معظمها عن الدول الأقل تقدماً التي أسهم أبناؤها في تحقيقها0 إنه و وفقاً لهذا المعنى فإن هذه الفئة تشمل كل من يعمل في مجالات المعرفة التطبيقية وغير التطبيقية والتي يمكن إدراجها في فئتين رئيسيتين بحسب مستواها العلمي : الفئة الأولى : وهي تلك التي بدأت فعلاً بممارسة البحث واستطاعت تحقيق بعض النتائج في بلدانها قبل مغادرتها ، ومن هذه الفئة على سبيل المثال هجرة بعض العلماء السوفيت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وبعض مهاجري الدول النامية الذين يكونون قد بدأوا في الإنتاج العلمي في بلادهم وظهرت بوادر نبوغهم و إنجازهم على الرغم من ضعف الموارد و لكنهم يضطرون إلى الهجرة 0 و يدخل في هذه الفئة المهاجرون من أساتذة الجامعات في البلدان النامية0 أما الفئة الثانية:والذي يمكن أن نطلق عليهم علماء المستقبل أو مشروع علماء وذلك لأنهم وإن كانوا لم يبدؤوا في الإنتاج العلمي ، فإن منهم من أتخذ البحث العلمي طريقاً له من خلال الاستمرار في الدراسات العليا سواء في بلده الأصلي أم في إحدى الدول الأجنبية ، ويمكن أن يحققوا إنتاجاً علمياً من خلال استمرار أعمالهم البحثية عندما تتهيأ الظروف المناسبة لتحقيق ذلك 0 و تأخذ هجرة الكفاءات العلمية صورتين رئيستين : الأولى شكل الهجرة المباشرة عندما يتخذ الفرد قرار الهجرة وهو في بلده ويتركها كمهاجر ، أكان ذلك بعد تخرجه مباشرة أم بعد ممارسته العمل في بلده لفترة قد تطول أو تقصر0 وتشمل هذه الفئة أيضاً بعض الموفدين ببعثات دراسية للخارج وعادوا إلى بلادهم لكن ما لبثوا ، بغض النظر عن الأسباب و الموجبات ، أن عادوا وهاجروا إلى البلد الذي كانوا يدرسون فيه ، أو قرروا الهجرة إلى بلاد أخرى . هذا بالطبع إلى جانب تلك الفئة من الموفدين ببعثات علمية إلى الخارج و قرروا البقاء في بلد الدراسة حتى بعد إنهاء بحوثهم و دراساتهم وحصولهم على الشهادة العلمية الموفدين لأجلها. ولسوء الحظ أن غالبية هؤلاء الموفدين هم من البلدان النامية ومنها الدول العربية، حيث ورد في دراسة ميدانية أواخر السبعينات أن 25 % من طلاب الدول العربية لشمال إفريقيه تونس و الجزائر و المغرب المتواجدين في الخارج صرحوا بصورة قاطعة أنهم سيبقون في الخارج ، كما أن 40% من الطلاب اللبنانيين و12% من الإيرانيين و 22% من الأتراك2 إلى جانب أعداد أخرى قد أبدوا ترددهم بين البقاء و العودة إلى الوطن . و يقدر أنه خلال الخمسة عشرة عاماً الأخيرة هناك حوالي ألفي موفد سوري لم يعودوا إلى الوطن بعد انتهاء مدة إيفادها و آخرون غادروا القطر حتى بعد عودتهم، هذا في فترة نهاية السبعينات.

و الواقع أن تيار هجرة العلماء العرب و أصحاب الكفاءات العلمية من أطباء ومهندسين و حملة الإجازات الجامعية فما فوق ، قد أضحى واضحا ً للغاية دون أن نتمكن من رصدهم . وما من شك أن حرب الخليج الثانية ، و الحرب الأهلية اللبنانية ، وما يعانيه الشعب العربي الفلسطيني من همجية و عنصرية العدو الإسرائيلي قد دفع بعشرات ألوف أصحاب الكفاءات العليا في هذه الأقطار لترك أوطانهم والهجرة غالباً إلى دول أوربية ، و إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، مع كل ما يعني ذلك من خسارة فادحة لبلدانهم، ومن مكاسب للبلدان التي ذهبوا إليها . وفي الجانب الإحصائي نريد أن نسجل بالنسبة للجمهورية العربية السورية أنه لا يوجد لدينا دراسات و بيانات حول أصحاب الكفاءات العلمية السورية المهاجرة إلى الخارج داخل المنطقة العربية أو إلى البلدان الأجنبية الأوربية منها أو الأمريكية . كما لا يتوفر لدى المكتب المركزي للإحصاء في سورية أية بيانات بهذا الخصوص ، الأمر الذي يتطلب أن يصبح هذا الموضوع مهمة إحصائية يجب على المكتب المركزي للإحصاء أن يتصدى لها إن الخسارة التي يمكن أن تنتج عن مثل هذه الهجرة كبيرة دون شك ومن الصعب تقديرها وتحديدها ودراستها . وبالنسبة لسورية فقد أضحت برأينا على درجة كبيرة من الأهمية . في دراسة أخرى حديثة نسبياً عن عدد العلماء و التكنولوجيين العرب المتميزين في أهم الجامعات الأمريكية و الكندية ، تبين أن هناك في أواسط عقد التسعينات حوالي /400/ عالم و تكنولوجي عربي مميز في مجالات الهندسة النووية والبيولوجية و الكيماوية و الميكانيكية و هندسة المواد و الكومبيوتر و هندسة الطيران و النسيج و غير ها من فروع الهندسة ، و حوالي /170/ عالماً و تكنولوجياً عربياً مميزاً في مجالات العلوم الحياتية و الزراعية مثل أحياء الجينات و أحياء الخلايا و الجزئيات و علم التشريح ، و الكيمياء و الفيزياء الحياتية ، وعلم الأحياء والإشعاعات، وعلم النبات والتغذية و العلوم الزراعية ، و علم التغذية و الفيزيولوجية و غيرها . هذا إلى جانب حوالي ستين عالماً في المجال الصحي و / 130/ عالماً في العلوم الطبيعية و الرياضيات و /110/ في العلوم الإدارية و الاقتصادية و المصرفية و المحاسبية. هذا عدا أعداد أخرى غير قليلة في بقية الجامعات وفي مراكز البحوث و المنشآت الإنتاجية الأمريكية و الكندية 0 و بالنسبة لاتجاهات هجرة الكفاءات العربية و موقعها في البلدان المستضيفة تشير الإحصاءات المتوفرة إلى أن كفاءات المغرب العربي المهاجرة تتركز أساساً في الدول الأوربية وفي فرنسة بصورة خاصة ، وعلى سبيل المثال فإن (66%) من الكفاءات العلمية التونسية موجودة في أوربا، بينما من يوجد منهم في أمريكة الشمالية فيشكل (12%) من مجموع الكفاءات العلمية التونسية المهاجرة . أما باقي الدول العربية فإن كفاءاتها العلمية المهاجرة فتتركز في أمريكة الشمالية حيث يقدر أنها تشكل من 5-9% من إجمالي الكفاءات المهاجرة إلى الولايات المتحدة خلال الفترة بين 1961-1972، كما مثل المجموع التراكمي للعلماء والمهندسين العرب في الولايات المتحدة حوالي (02%) من عدد العلماء والمهندسين في تلك البلاد 1977 كما يرى بعضهم أن العلماء والتكنولوجيين العرب المتميزين في الولايات المتحدة يشكلون حوالي (2%) من مجموع العلماء المتميزين هناك . وقد قسم بعضهم المهاجرين من الكفاءات العلمية العربية إلى ثلاث فئات : دول ذات هجرة عالية و تضم مصر ولبنان والأردن وفلسطين ، ودول ذات هجرة متوسطة وتضم المغرب و سورية و تونس و الجزائر و السودان ، ودول ذات هجرة محدودة هي دول الخليج 0 و يلاحظ هناك أن الدول ذات الهجرة المرتفعة هي تلك التي يرتفع فيها المستوى التعليمي وتعاني من صعوبات اقتصادية أو أوضاع سياسية غير سليمة كمثل الوضع السائد في لبنان ووضع الشعب الفلسطيني والشعب العراقي 0 وتشير البيانات بالنسبة لمصر مثلاً أن الكفاءات المصرية المهاجرة تمثل حوالي (50%) من الكفاءات العلمية العربية المهاجرة حتى أواخر السبعينات خاصة بتأثير العدد الكبير من الدارسين المصرين في الخارج الذين تمنعوا عن العودة بعد إنهاء الدراسة. لقد أمتنع عن العودة خلال عقد السبعينات حوالي /950/ ممن أنهوا دراساتهم وحصلوا على دراساتهم وحصلوا على الدرجات العلمية من الولايات المتحدة كما ويقدر أن عدد العلماء المصريين المتميزين في الخارج قد وصل إلى / 1416/ بحسب تقديرات عام 1993 موزعين بنسبة (54%) في الولايات المتحدة وأمريكة الشمالية ، و(41%) في أوربا و(5، 4%) في أستراليا و(1%) في أمريكة الجنوبية.


كتب ذات صلة

تقييم كتاب هجرة الكفاءات العلمية العربية مع إشارة خاصة للجمهورية العربية السورية

بماذا تقيّمه؟