0 نجمة - 0 صوت
محمد قطب و وفاء عبد الجواد
تصنيف الكتاب: كتب علم النفس
عدد الصفحات: 84
حجم الكتاب: 1.6 MB
مرات التحميل: 9972
العدوان سلوك مقصود يستهدف إلحاق الضرر أو الأذي بالغير، وقد ينتج عن العدوان أذي يصيب إنساناً أو حيواناً كما قد ينتج عنه تحطيم للأشياء أو الممتلكات، وقد يكون الدافع وراء العدوان دافعاً ذاتياً، ويمكن القول: إن سلوك العدوان يظهر غالباً لدي جميع الأطفال وبدرجات متفاوتة.
ورغم أن ظهور السلوك العدواني لدي الإنسان يعد دليلاً علي أنه لم ينضج بعد بالدرجة الكافية التي يجعله ينجح في تنمية (الضبط الداخلي) اللازم للتوافق المقبول مع نظم المجتمع وأعرافه وقيمه، وأنه عجز عن تحقيق التكيف والمواءمة المطلوبة للعيش في المجتمع، وأنه لم يتعلم بالدرجة الكافية أنماط السلوك اللازمة لتحقيق مثل هذا التكيف والتوافق - فإننا لا ينبغي أن ننزعج عندما نشاهد بعض أطفالنا ينزعون نحو السلوك العدواني ويري البعض أن وجود بعض العدوان لدي الناشئين في مرحلتي الطفولة والمراهقة دليل النشاط والحيوية، بل أنه أمر سوي ومقبول، ويري آخرون أن الإنسان لم يكن يستطيع أن يحقق سيطرته الحالية ولا حتي أن يبقي علي قيد الحياة كجنس ما لم يهبه الله قدراً كبيراً من العدوان.
قد يكون ظهور السلوك العدواني راجعاً إلي عدم اكتمال النضج العقلي والإنفعالي لدي من يأتي بهذا السلوك. لذلك فإن السلوك العدواني من طفل صغير علي غيره من الأطفال، أو تجاه المحيطين به من بعض أفراد الأسرة يأخذ في التضاؤل والإنطفاء كلما كبر الطفل وتوافر له المزيد من فرص النمو في جوانب شخصيته المختلفة.. في النواحي الجسمية حين يكتسب قدراً من الثقة في قدراته العضلية والحركية، وفي النواحي العقلية حين يتوافر له المزيد من فرص النمو لوظائفه العقلية في الإدراك والتفكير والتخيل. وكاما توافر له المزيد من فرص النمو الإنفعالي، فأصبح أكثر إتزاناً واستقراراً في انفعالاته. والنمو في سائر هذه الوظائف يتيح له فرصاً أوسع لتعلم التحكم في سلوكياته أي تعلم الضبط الداخلي لما يصدر عنه من أفعال.
وغالباً ما يأخذ السلوك العدواني للأطفال مظاهر شتي تبدأ من البكاء أو الصراخ وتمتد لتشمل الإيذاء عن طريق استخدام القوة الجسمية والعضلية في الشجار والمقاتلة، ويشمل السلوك العدواني كذلك التلويح باليد، والتعبير بحركات الجسم والوجه، واستخدام ألفاظ التهديد والقذف بل ويشمل أيضاً اللجوء إلي الحيل والمؤامرات التي تحط من كيان الخصم.
ويكون السلوك العدواني للطفل موجهاً إلي المصادر التي تحول بين الطفل وتحقيق رغباته في الإشباع أو الإرتياح.. إلي الأم حينما ترفض اصطحاب الطفل معها عند الخروج من المنزل، وإلي الأخوة حينما يتفوق أحدهم عليه بشكل يشعر معه أنه يحط من قدره، أو يثير السخرية حوله أو حين يحرمونه مشاركتهم في اللعب - لمثل تلك الأسباب أو لأسباب أخري كثيرة يظهر السلوك العدواني لدي الطفل ويكون موجهاً إلي المصادر التي تقف حجر عثرة في سبيل بلوغ غاياته، أي التي تسبب له القمع والإحباط وتستثيره إلي حد الغضب، ولا يدخل ضمن السلوك العدواني الأفعال التي تصدر عن الإنسان دفاعاً عن النفس.
وترجع خطورة السلوك العدواني إلي أنه سلوك يؤدي إلي الصدام مع الآخرين، فهو لا يعترف برغبات الآخرين ولا بحقوقهم، ولذلك فإنه سلوك يدل علي سوء التكيف، والسلوك العدواني يضر بكائنات أخري بما في ذلك الإنسان والحيوان.
بماذا تقيّمه؟