0 نجمة - 0 صوت
أ.د/ كريم الوائلي
تصنيف الكتاب: كتب التاريخ
الناشر: مكتبة زاكي بغداد
عدد الصفحات: 289
حجم الكتاب: 3.1 MB
مرات التحميل: 459
تكتسب المناهج الدراسية أهمية خاصة؛ لأنها تمثل مخططاً لما يكون عليه واقع التعليم في الزمن الآتي؛ الأمر الذي يقود إلى أنّ تطور المجتمعات ونهوضها مقترن بنوعية التعليم، وبذلك تتفاوت المجتمعات في كيفية صنع المنهج وكيفية توصيفه واستثمار إمكاناته، فالمجتمعات المتقدمة تستفيد من التراكم المعرفي لوعي المنهج إبتداءً من أفلاطون بنزعته المثالية وطرائقه في الاستدلال التحليلي، ومروراً بتلميذه آرسطو الذي يتجاوز المثالية إلى نزعة واقعية تُعلي من الاستقراء وقيمته، وليس توقفاً عند ديكارت الذي أرسى في كتابه "مقال عن المنهج" أسس تشكيل المنهج في التحليل والتركيب ، ولذلك فإنّ هذه المجتمعات المتقدمة تستخدم المنهج الدراسي من أجل اكتساب مهارات التعليم والتفكير، وخلق النزعة النقدية في النظر للمشاكل وكيفية معالجتها منهجياً ، وتنمية مهارات الإبداع معتمدة على قدرات المعلمين في التحليل والتفكيك والتركيب.
أما المجتمعات الأقل تقدماً ـــ وبتعبير أدق المتخلفة ــــ فإنها ترى أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان ، ولذلك فإنها تنتج ما تم انتاجه، وتعيده على ما هو عليه، في أحسن الأحوال، أو بأسوأ مما هو عليه، تشويهاً واختزالاً، في أغلب الأحوال، ونجد ـــ هنا ـــ بوناً شاسعاً بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون عليه؛ الأمر الذي يقود إلى تراجع متسارع، ولعل هذا يدفع إلى الاعتقاد بأنّ أمسِ أفضل من اليوم، واليوم أفضل من الغد؛ بمعنى أنّ الزمن يكون سلبياً كلما تقدمنا نحو المستقبل، ويرتقي صعداً كلما اتجهنا نحو الماضي، في محاولة لسد الشعور بالعجز، أو في محاولة للاحتماء بالماضي / التراث، في حين يفترض، وهو مجرد افتراض، أنْ يكون الآتي أفضل كلما تقدمنا نحو المستقبل، بسبب الاستفادة من تراكم المعرفة والاستفادة ــ أيضا ـــ من الخبرات المتولدة من التفاعل بين التنظير والواقع.
وفي ضوء هذا كانت وظيفة المنهج الدراسي ـــ هنا ـــ تنحصر في الأهداف التقليدية القريبة، وهي تعتمد ـــ أساساً ــــ على قرارات انفعالية وعشوائية ، ومعالجات ترقيعية للأزمات الكبرى المزمنة في التربية والتعليم ، ومن ثم فإنّ المنهج في هذه الحالة يعنى بالمهارات الشكلية ، وتزويد المتلقي / التلميذ بالمعرفة السائدة المكرورة؛ بمعنى أنها تصنع متعلماً كسولاً يتلقى المعرفة ويستظهرها ويسترجعها على أحسن الأحوال.
وليس من قبيل المصادفة المحضة أنْ يتصدى لإدارة المنظومات التربوية في أغلب الأحوال أشخاص على اعتبارات لا علاقة لها بالكفاءة والنزاهة والإخلاص، ولذا فإنه من نكد العيش على التعليم والمجتمع معاً، أن يقوم بعض هؤلاء بتصديع العقول بثرثرتهم المملة !!. ويعنى هذا الكتاب بأقدم منهج للدراسة الابتدائية في العراق الحديث ؛ إذ عهدت الإدارة البريطانية الى الميجور همفري بومان مسؤولية المعارف في العراق بعد احتلال بغداد 1917م، وأمضى بومان سنتين أحدث خلالهما تغيرات عديدة في المنظومة التربوية، كان أكثرها تأثيراً كتاب:
Department of Education, Government Schools of Iraq, Syllabus of the Primary Course of Study Approved by the Director of Education and the Education Committee, Baghdad, Printed at Government Press,1919.
ولقد أشار عدد من الباحثين إلى هذا الكتاب في أثناء تعرضهم للحديث عن التعليم في العراق، فقد ذكر ساطع الحصري توصيفاً للمدارس الأولية والابتدائية في هذا المنهج، وذكر جداول توزيع الدروس في الأسبوع في المراحل الأولية والابتدائية، ولكنه لم يشر إلى وجود نسختين عربية وإنكليزية لهذا المنهج.
ويشير عبد الرزاق الهلالي إلى أنّ همفري بومان قد بعث بمسودات هذا المنهج إلى المطبعة، لتطبع منه كميات باللغتين الإنكليزية والعربية، ولكنه أبدى أسفه على عدم عثوره على النسخة العربية، وأشار إبراهيم خليل أحمد إلى أن المنهج طبع في البداية باللغة العربية، ثم ترجم إلى اللغة الإنكليزية.
ولقد تمكنت بفضل الله من العثور على نسخة خطية ( مكتوبة بخط اليد ) من المنهج باللغة العربية ،وكان لا بدّ من تعريب النسخة الإنكليزية، وتحقيق النسخة العربية، ومن ثم المقارنة بين النسختين لدعم تأييد أو رفض القائلين بوجود نسخة عربية للمنهج، أو أن النسخة الإنكليزية مترجمة من النسخة العربية، مما سيجده القارئ في ثنايا هذا الكتاب.
هذا الكتاب تم نشره بإذن من: المؤلف
بماذا تقيّمه؟